تحيلنا براعة ريشته الفنان التشكيلي عصام الشاطر وتركيبته اللونية إلى مهرجان لوني يستحوذ على ذائقتنا البصرية وسواء في المدن والاحياء القديمة التي تبزغ في لوحته وكأنها من عمق التاريخ، او في طبيعته الصامتة وشرقياته: (الأواني النحاسية- دلال القهوة- الكؤوس والفناجين- الجرار الفخارية- الصناديق الخشبية..الخ) تبدو لوحة عصام للوهلة الأولى واقعية كلاسيكية، لكن في اللوحة ما يأخذك الى إلى ما هو ابعد واعمق..
خلال معرضه الذي اقيم في المركز الثقافي بالسويداء مؤخراً، سألت الفنان عصام:
· لماذا هذا الإصرار على الأجواء الشرقية في معظم أعمالك ؟
اول ما اشتغلت الأجواء الشرقية لم يكن بذهني اقتناء الاعمال وعلى سبيل المثال لوحتي التي اقتناها المتحف الوطني بالسويداء (دلال القهوة قياس40/50) بدأت قصتها في العام 1986 بعد عام شعرت بأنها تحتاج لشيء، بعد ستة أشهر أعدت النظر فيها وكان التعديل الأخير عام 1995 وقد اكتشفت خلال التجربة اقبال الناس وحبها للوحة.. أؤمن أن الفن حالة مزاج أكثر من أي شيء
· هل يعني هذا أنك تطور في نفس المواضيع: الشرقيات والمدن القديمة؟
لم اشتغل على اساس ان اكون في موقع واحد. بمعنى الحرية الفكرية وارى أن المسألة تشبه انساناً يسير في طريق ويرى الأشياء حوله على جانبي الطريق فهو يستطيع أن يتذوقها ويختار ما يشاء.. فبعد قرابة خمسة آلاف لوحة معظمها مباع
بعد انتشار لوحات الفنان عصام في أوربا وعبر العالم حيث بيع منها في السويد وحدها 150 لوحة وفي تركيا 50 لوحة وفي بيروت 20 لوحة (سألته)
· ما سر هذه البصمة او الهوية المميزة لأعمالك؟
انا اشتغل على اللون فمجموعة العلاقات اللونية هي التي تشكل العمل الفني واحياناً يقودني الى طرق تنتج شيئاً مختلفاً، تشكل منعطفاً..الفن هو أن تخوض التجربة اللونية الى اقصى ما يمكن.. أضاف "الشاطر": تواجهنا احياناً ظروف اي ضربة ريشة ممكن ان تؤذي اللوحة... في العام 2011 اقتنى ديوان الحجرف بالكويت والذي افتتحه الشيخ الصباح امير الكويت لوحتين (قياس 90/170) ولازالت اعمل في هذا.. ففي كل مرة تضعك اللوحة في مازق وتقول لك: اتحداك أن تعيد رسمي!
· ما نسبة الواقع في لوحات الطبيعة الصامتة لدى الفنان عصام وهل هي تصوير دقيق لتفاصيل من التراث الشرقي؟
الشيء ذو المرجعية التاريخية احاول ان احافظ عليه. إحدى اللوحات التي رسمتها كانت لكأس الظاهر بيبرس مستمدة من وثائق وصور تاريخية أما إذا أردنا التكلم عن تجربتي عموماً، فإن نسبة الواقع في لوحاتي لا تتجاوز 25%
· لا أراك مهتماً بالمدارس الغربية وما آلت إليه من تطورات حداثية؟
من وجهة نظري الفن سلوك ذاتي وفردي بلغنا مرحلة تتيح لكل منا ان يعبر عن نفسه بالطريقة التي يراها لأن لكل انسان متحرر طريقة تميزه من الآخر..ويختم الفنان عصام حديثه بالقول: الفن حرية شخصية والفنان الذي درس اكاديميا وقطع شوطاً هو فنان حر وليس بالضروري ان اكون اوربيا لكي اكون حديثاً وعمرنا الحضاري وعمر بلدنا الاف السنين
الفنان التشكيلي نضال خويص أبدى لنا رأيه في موضوع الحوار مع الفنان عصام فقال:
ليس في الفن نظام ثابت لا يخالف الفنان الحداثيين او فاهيم التطور أو التنوع الفني عندما يقدر ان ينجح وأن يحقق رؤاه في مذهب معين طالما لا يخل بمفاهيم اللون والتكوين ولا يخرج عن اصول بناء اللوحة. فالفن رؤية روحية وهو لا يخضع لقانون. والفنان هو الذي يحقق الرؤية ويصور المشهد الذي يريده مع اخذ الحالة الابداعية والابتكارات باللون والقيم والتراكيب اللونية وهذه ليست تقليدية .. والفنان عصام الشاطر له ابتكاراته ورؤاه الخاصة التي تواكب العصر فدوار الشمس في لوحته على سبيل المثال ليس اصفر تقليديا ويختصر الفنان نضال رأيه النقدي بالقول: لقد استطاع الفنان عصام أن يعمل توليفة بين الواقعية التسجيلية وبين التجريد لإظهار العمق..
ليس ما تراه هو تفاصيل تراثية متروكة او منسية إنها تعبيرية مفعمة بحس الفنان وخياله حيث فلسفته وابتكاراته اللونية التي تتجاوز موضوعها ربما لأن الفنان اشتغل بمهارته المعهودة في استخدام الألوان الحارة وإبرازه ادق التفاصيل في تضادها مع الألوان الباردة في العمق..وهذا التحليل ليس لي، إنه لميار وعمره 13 عاما، عندما سألته أن يبدي رأيه للفنان عصام وكنت راقبته وهو يستغرق في قراءة اللوحات. نظر إليه بدهشة وقال له: من اي كوكب ..؟
الفنان عصام الشاطر مع الطفل ميار الشوفي
بطاقة
"عصام الشاطر" من مواليد قرية "المجدل" في السويداء عام 1967م، خريج كلية الفنون الجميلة قسم الرسم والتصوير 1989م، عضو اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين، حاصل على جائزة مسابقة إحياء دمشق القديمة 1989م، مدرس الرسم والتصوير في مركز الفنون التشكيلية في السويداء بين عامي 2006- 2010م، محاضر في قسم الرسم والتصوير في كلية الفنون الجميلة الثانية في السويداء، له عشرات المشاركات داخل سورية وخارجها خاصة تركيا وأوكرانيا وايطاليا وطهران والجزائر وغيرها، وأعماله مقتناة داخل وخارج سورية في العديد من دول العالم.