أخيراً جاء الوقت لنلفظ خارج الزمن ذلك الجرح الحزيراني الذي طالما نزّ في ذاكرتنا الجمعية أوجاعه ومآسيه، ففي يوم الثالث من حزيران وقف الشعب العربي السوري متحدياً بإرادته الحرة جميع قوى الشر والتخريب في العالم .. خرج إلى صناديق الاقتراع ليؤكد المؤكد ويشرعن المشرعن، ليحل ببصيرة حسه الوطني العفوي أهم المعادلات السياسية في تاريخه المعاصر، ليقول كلمته القاطعة التي حمّلت مسؤولية مرحلة تاريخية خطرة إلى رجل تأكد لجميع من في الدنيا أنه أهل لها فكان استحقاقاً دولياً بقدر ما هو استحقاق وطني وقومي، استحقاق على قدر كبير من الأهمية حيث حول النكسة إلى انطلاقة والهزيمة إلى نصر.
لقد قالت الملايين كلمتها ليسمعها القاصي والداني ولاسيما من امتهنوا مهنة الكذب المسبق الدفع الذين انتظروا بوهم من أوهامهم خروج الأغلبية الصامتة عن صمتها، وهاهي تصرخ لا كما يشتهي الواهمون وينتظر الغادرون.. إذ أكدت "نعمها" الغالية العزيزية لمن خبرته في ماضيها وحاضرها، لمن تتوسم فيه مستقبلها المتجدد المزدهر، فإذا هي في الحقيقة الأغلبية الصابرة على الألم المكابرة على الجرح صاحبة القرار الفصل في تحديد مستقبلها.
لاشك أن ما فعلته الملايين التي تجاوزت الإحدى عشر ناجم عن حس وطني راق بقدر ما هو وعي جماهيري ممزوج بعفوية محبة وروح تضحية لوطن غدرت به خفافيش الظلام التي تكالبت عليه منذ أكثر من ثلاث سنوات من كل حدب وصوب زاحفة كقطعان الليل متخفية بلباس الحمل قبل أن تتكشف أنيابها ومخالبها لتبدأ في هذا الوطن الآمن المطمئن طعناً ونهشاً وتخريباً فأثخنته اقتصاداً ومجتمعاً، لكنها لم تنل من عزته وكبريائه فكضم على جرحه وقاوم المعتدين، فقدم جيشه ملاحم البطولة، وسطر شعبه آيات الصبر والصمود، وقد ترجم هذا الشعب حبه وعفويته باختيار القائد الفذ الذي قاد الأمة في هذه المرحلة الخطرة واستطاع بحنكته أن ينجز بوادر النصر على الإرهاب ويدحر المؤامرات الساعية لتقسيم سورية، فكان القائد الوطني الذي دافع عن بلاده وشعبه ورسم له طريق الإصلاح والتطوير، والقائد القومي الذي أعاد للمشروع القومي العربي زخمه ونهوضه، والقائد العالمي الذي يقود جبهة عالمية لمقاومة الإرهاب الذي وقع على سورية النصيب الأكبر منه، فهنيئاً للشعب السوري بقائده الفذ الذي اختاره وهنيئاً للقائد بمحبة وتأييد شعبه.